الكلاب تعوي من جديد

عبد الناصر قالها زمان "إذا رأيتم أمريكا ترضى عني وتؤيدني فأعلموا أني أسير في الطريق الخطأ"، ولا شك أن التاريخ يعيد نفسه، وأنه يمكننا بالتأكيد تطبيق هذه المقولة بحذافيرها على ما تكنه بعض الدول الغربية لمصر خلال الفترات الأخيرة، ولعل ما باتت تنشره الصحف والمجلات الأجنبية مؤخرًا من انتقادات لاذعة للرئيس السيسي يؤكد وبحق أن مصر تنتهج الطريق السليم.

فعندما أطالع الصحف الأجنبية أجد أن الغرب يروجون بفجاجة أن مصر في طريقها إلى الدمار مدعيين بأن آرائهم تتسم بالموضوعية والمصداقية ، وفي الواقع أن الغرب لا يتحلوا بها على الاطلاق ؟! وخير دليل على ذلك المقال الذي تم نشره بمجلة "الإيكونوميست" البريطانية، بعنوان: " قمع وعدم كفاءة عبد الفتاح السيسي يؤججان الانتفاضة القادمة"، ففي الواقع عزيزي القارئ لا أعلم من أين جاءت هذه المجلة بهذا "الهراء"؟!

فالمقال رسم صورة قاتمة للوضع الاقتصادي في مصر؛ إذ وصفه بأنه مفلس ويعتمد على معونات كبيرة من دول الخليج ومن الدول الأمريكية!، واعتبر أن الرئيس/ عبد الفتاح السيسي عجز عن احتواء الأزمات الاقتصادية والاجتماعية قائلاً إنه استحوذ على السلطة عبر انقلاب عام 2013!


وكلنا نعلم أن كل ما جاء بهذا المقال هو هراء محض هراء، ففي الوقت الذي تحدث المقال عن انهيار الاقتصاد في مصر وهو أمر مبالغ فيه بشدة، حيث نجد أن هناك أزمة اقتصادية تواجه الكثير من الدول نتيجة تراجع أسعار النفط وهو ما دفع بعض الدول إلى وقف الكثير من مشروعاتها الكبرى، وخفض دعم النفط ورفع الأسعار وسحب أرصدتها لتغطية العجز وهو ما لم يتم ذكره في المقال ، حيث تم التركيز فقط على الوضع الاقتصادي بمصر.

كما أن الحديث عن أن رئيسنا السيسي قد جاء عن طريق "انقلاب" يعد استخفاف بإرادة المصريين ، سواء الملايين الذين تظاهروا من أجل إزاحة محمد مرسي ونظامه القمعي، أو الملايين الذين صوتوا بأغلبية كاسحة لانتخاب الرئيس، فكأن اعترافهم بشرعية الصناديق الانتخابية يقتصر عليهم فقط ولا يمتد لدون سواهم، إلا عندما تأتي الصناديق بأشخاص على هواهم مثلما أتت من قبل بمحمد مرسي!

ومن واقع متابعة ما تبثه علينا الصحافة الغربية، نجد أن "الإيكونوميست" واحدة من سرب الصحف التي تطل بآرائها العدوانية تجاه مصر، وهناك صحف كثيرة أخرى تحمل لمصر نفس هذه الانتقادات والشعارات مثل "نيويورك تايمز" و "واشنطن بوست".

وبالتأكيد أن ما تروجّ له هذه الصحف ما هو إلا انعكاس واضح وصريح لرغبة وآراء قيادات دول هذه الصحف تجاه مصر، ودون الذهاب بعيدًا فلنتذكر سويًا موقف بريطانيا من حادثة الطائرة الروسية في مصر إبان نوفمبر الماضي، فقد سارعت بريطانيا التي لا ناقة لها ولا جمل في الحادث بإعلان وقف الطيران إلى شرم الشيخ، وإجلاء كافة رعاياها من هناك، وإعلان مثل هذا القرار يفتقر لكل أنواع اللياقة في ظل استضافتها لرئيسنا السيسي.

إذًا، فلنبتسم عزيزي القارئ، فهيهات كسر مصر على أيادي هذه الدول، فلا أعلم كيف يعتقدون أنهم قادرون على كَسرنا!، رغم ما يقرأه ويؤكده التاريخ عليهم، فمهما زاد حجم المؤامرات والخطط التي تحاك للنيل من مكانة مصر واستقلالها؛ فإننا بمشيئة الله وإخلاصنا لوطننا سنصمد وسنبقى في مكانتنا، أما هم ومؤيديهم فسيذهبون إلى قاع التاريخ كسابقيهم.

ولن تكون هذه آخر محاولاتهم للإيقاع بمصر تحت سيطرتهم، كما تُظِهر مخططاتهم الخفية دائمًا، وستستمر هذه المحاولات دائمًا وأبدًا، وسيستمرون في فشلهم، وسنستمر نحن في قوتنا وصمودنا وعنادنا.

وكلامي هذا عزيزي القارئ ليس من فراغ، بل أن هذا ما يقرأه علينا التاريخ، فمنذ 60 عامًا، أي في عام 1956، تناولت صحيفة "الجارديان" في أحد تقاريرها عن مصر بعنوان "المصريون ينتظرون عالم الكولونيل ناصر" حول السد العالي، وقالت فيه أن عبد الناصر يبيع الوهم للمصريين، وأن مشروع السد العالي ليس له عائد اقتصادي، وأن الشعب المصري لا يدرك أن ناصر يضع بلادهم في قلب العاصفة، وبالتأكيد نحن لسنا بحاجة إلى أن نرصد ما هو السد العالي وكيف أنه حمى مصر من الفيضانات.

والآن "الكلاب تعوي من جديد"، وما علينا إلا أن نستمر في تسيير قافلتنا نحو التقدم والنمو الذي نبتغيه جميعًا وأن نقف جانب وطننا وندعمه خلال هذه المرحلة، وأن يتغاضى البعض عن مطالبهم الفئوية مؤقتًا، وأن نتخلى عن الطاقة السلبية وانتقادنا الدائم الغير مبرر في بعض المواقف التي تحدث، وألا ننساق بشكلٍ أو بآخر وراء ما يبثه المخربون في الأجواء ضد وطننا وسمعته.

المقال منشور على محيط بتايرخ 22 أغسطس 2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق