"بكرة أحلى يا مصريين"

2015 .. ماذا يخبيء لنا هذا العام؟!! .. لا ندري بعد، ولكن ما نعرفه جيداً هو أن هناك بشائر بأن هذا العام سيكون أفضل من الأعوام السابقة التي عانى فيها المصريين من الفساد وتبعات التمرد عليه، حتى وصلنا إلى ما نحن عليه الآن وبدأنا نسير بخطى ثابتة لإستكمال خارطة الطريق التي ستعيد لمصر مكانتها الطبيعية المرموقة بين الأمم إقليمياً ودولياً. الشعب نفسه متفائل، والمواطن المصري البسيط صار أكثر وعياً بما يدور حوله، وأكثر إدراكاً بالواجب الملقى على عاتقه تنفيذه في هذه المرحلة الهامة في تاريخ مصر الحبيبة.


وما أقوله ليس مجرد رأي شخصي كونته وأنا في برج عاجي، بل هو ما لمسته بنفسي عندما شاهدت تقارير البرامج التليفزيونية التي حرصت على سؤال المواطنين عن أفضل وأسوأ ما حدث في عام 2014، كما لمسته أيضاً عندما نزلت بنفسي للمهمشين في مناطق عمل الجمعيه التي أتشرف برئاسة مجلس إدارتها، والذين تحدثوا معي بحماس عن نبض الشارع المصري فيما يخص ما حدث في العام الماضي من إنجازات وتحسن في نمط معيشتهم جعلهم أكثر تفاؤلاً بأن القادم أفضل إن شاء الله.


فالمواطنين المصريين بمختلف المحافظات المصرية أكدوا أنهم لمسوا تحسن إيجابي في منظومة التموين والعيش، وأشادوا بالبطاقة التموينية الذكية وقالوا أنهم يشعروا أنها شيء جديد سهّل عليهم الحصول على حقهم في الدعم، كما أنها ضمنت أن يصل الدعم لمستحقيه الحقيقيين. أحد البسطاء قال لي: "المنظومة جميلة، والسلع ممتازة وبتتصرف في مواعيدها، وزاد عدد السلع كمان كتير عن زمان .. في الأول كان يمكن في زحمة على مكاتب التموين عشان نطلّع البطاقات الجديدة وبالذات لما اتضاف العيش مع التموين في فترة رمضان، لكن بعد كده الدنيا اتنظمت بسرعة ومبقاش فيه صعوبة خالص ولا بقينا بنقف في طوابير طويلة بالساعات زي زمان". أيضاً عرفت من المواطنين أن الحكومة تسهيلاً عليهم جعلت الإجراءات ميسرة لإستخراج البطاقات، بل وسمحت بإمكانية أن يتم صرف التموين من المجمعات الإستهلاكية الحكومية وليس فقط من قِبل مراكز توزيع التموين. بخلاف ذلك علمت منهم أنهم سعداء بفكرة النقاط التي أتاحتها وزارة التموين، وعندما استفسرت منهم عن ما هي فكرة "النقاط" تلك؟ .. قالوا لي ان المواطن إذا لم يأخذ حصته اليومية الكاملة من العيش (5 أرغفة) خلال الشهر تتحول عدد الأرغفة التي لم يأخذها لنقاط، وفي نهاية الشهر يستطيع المواطن أن يستبدل النقاط بسلع تموينية، وهذه كانت واحدة من أكثر الأشياء إيجابية في منظومة التموين من وجهة نظر المواطنين، كل هذا جعلني أشعر بالتفاؤل وبأن تصريحات وزير التموين عن أن المنظومة تتغير للأفضل حقيقية  فعلاً، وأن المواطن يحس بهذا التغيير. أيضاً أشاد المواطنون بمنظومة أنابيب الغاز، وأبدوا سعادتهم بإنتهاء أزمة الطوابير الطويلة للحصول عليها، حيث صارت عملية الحصول على الأنبوبة أيسر بكثير من الماضي.


من جانب آخر أكثر من مواطن أكدوا أن أفضل شيء حدث في العام الماضي هو البدء في "مشروع قناة السويس الجديدة"، وكان السبب في قولهم هذا أنه مشروع قومي كبير سيحقق لمصر نهضة اقتصادية وسيغنينا أيضاً عن التبعية لأي دولة، وأكتر من مواطن أكدوا لي أنهم شاركوا في اكتتاب القناة وقاموا بشراء شهادات الاستثمار، حتى هؤلاء الذين لا يمكننا احتسابهم على الطبقة المتوسطة.


تحسن الطرق والكباري يشيد بها المواطنون، ويتمنوا استمرارها وتطويرها، والمواطن المصري البسيط صار مرتقباً لما سيحدثه المشروع القومي لإنشاء شبكة الطرق الاستراتيجية للتنمية من تحسن أكبر في حياته وتسهيل نمط معيشته. كما أوضحوا وجود اختلاف في عملية المرور بعد الحملات التي تمت لنقل الباعة الجائلين والأكشاك العشوائية والتي كان أخرها نقلة الباعة الجائلين بمنطقة وسط القاهرة والتى أحتلوها تماماً منذ ثورة 25 يناير ونقلهم إلى سوق مجهز بمنطقة الترجمان، حيث أكدوا المواطنون أن المرور في وسط البلد صار أكثر سيولة عن السابق بكثير، وحتى المارة أوضحوا أنهم صاروا يمشون في طرقات وشوارع وسط البلد بسهولة بعد أن أخليت الأرصفة والشوارع التي احتلها الباعة الجائلين. أيضاً حظى إصدار قانون جديد للمرور -والذي عمل على تغليظ العقوبات من أجل ضبط حركة المرور بالشارع المصرى-  بصدى إيجابي لدى المواطن. وإن كان بعض المواطنين والخبراء أيضاً أكدوا على أهمية تطبيق قانون المرور بصرامة على المخالفين، حيث أن عدم الإلتزام بالقانون يساهم بشكل كبير في حوادث الطرق التي لا تزال معدلاتها للأسف عالية. حيث أننا لا نزال حتى الآن نعاني من عدم وجود كاميرات للمراقبة في إشارات المرور، كما أن الكثير من الطرق لا تزال تحتاج للرصف بشكل جيد وفقاً للمواصفات العالمية.


أيضاً تكلم معي بعض المواطنين عن ارتياحهم لحل مشكلة إنقطاع الكهرباء، ولكن البعض منهم متخوف من فكرة أننا أمامنا شهور قليلة ويبدأ فصل الصيف، فمشكلة الكهرباء تم حلها بشكل مؤقت نتيجة لبدء فصل الشتاء وقلة الاستهلاك إلى حد كبير عن الصيف، وتساءل المواطنون: "هل هنرجع تاني لقطع الكهربا بالساعات والخساير اللي كانت بتسببها لنا؟!!". وأنا بالفعل أرى أن المشكلة تم حلها بشكل مؤقت، ولكن لابد للدولة أن تتخذ خطوات فاعلة لحل المشكلة من جذورها حتى لا نجد أنفسنا بعد شهور نعاني من أزمة في الكهرباء مرة أخرى، أيضاً لابد أن تقوم الدولة بالتفكير في بدائل أخرى لتوليد الكهرباء والطاقة، ولدينا الكثير من الأبحاث والدراسات التي قام بها علماء أفذاذ وخبراء في مجال الطاقة، فلماذا لا نستعين بهم وبخبراتهم وباختراعاتهم لكي نجعل مصر لا تعيش في ظلام ولو للحظة واحدة؟!


أيضاً كانت من أهم الأشياء الإيجابية التي تحسنت نسبياً على مستوى الجمهورية مشكلة القمامة، وخاصةً بعموم محافظتيّ القاهرة والجيزة التي يضمّان أكثر كثافة سكانية في الجمهورية، حيث صار رؤساء الأحياء مهتمين أكثر بعمل حملات نظافة يومية، وأصبح مديرو إدارات النظافة والتجميل في مختلف الأحياء يشرفون بأنفسهم عليها، ولكن حتى الآن لا تزال مشكلة القمامة قائمة، وتحتاج إلى جهد كبير لحلها، وخصوصاً مع زيادة حجم القمامة عاماً بعد عام بشكل كبير مع تزايد عدد السكان، والمواطنون سواء في الأحياء المهمشة أو الراقية يتمنون أن تحل هذه المشكلة في القريب العاجل، لأنها تمثل خطر حقيقي على حياتهم وحياة أبنائهم. كذلك بعض المواطنين الذين تحدثت معهم لم يصل إليهم مشروع فصل القمامة من المنبع، وبالتالي لا يعلمون تفاصيل المشروع الذي بدأ في بعض المناطق ولا يدركون أهميته. هناك العديد من الحلول لمشكلة القمامة التي طٌرحت في الآونة الأخيرة منها: تصدير القمامة، وتدوير المخلفات، ودعم المبادرات الاجتماعية التي تعنى بمشكلة القمامة، وأن يتم التعاقد مع شركات مصرية في تولي أمر جمع القمامة، خاصةً بعد كل السلبيات التي شاهدناها في السنوات الماضية بسبب التعاقد مع شركات أجنبية.

وفيما يخص مشكلة التعديات وإزالة المباني المخالفة قال المواطنون أنهم يتابعون بسعادة إزالة التعديات والمباني المخالفة خلف المحكمة الدستورية وأيضاً في بورسعيد وغيرها من المناطق،  والمواطنين سعداء بهذا خاصه بعد وجود قصور كبير في هذه المنظومة على مدار 3 سنوات تقريباً من بعد 25 يناير، فالناس أصبحت مدركة أن تعويض هذا القصور الممتد صعب ويحتاج لوقت أطول، ويدركون أنه لم يتم إزالة كافة التعديات بعد، ولكنهم يشعرون بأن الدولة تسير على الطريق الصحيح في مسألة التعديات، وينتظرون التطوير والتحسين للأفضل على مدار الشهور والسنوات القادمه، للحد الذي نصل فيه للقضاء على مشكلة التعديات. وإن أبدى المواطنون في أكثر من لقاء شعبي تخوفهم من الحديث عن قانون التصالح مع المخالفين، وقالوا أنهم لا يريدون أن تتصالح الدولة مع المخالفين لأن ذلك سيتبعه فساد كبير، والبعض يقول أنه ليس منطقياً أن نتصالح مع من يتعدى على أملاك الدولة والأراضي الزراعية وحقوق المواطنين في الأمان والسلامة ووصول المرافق لهم، فهم يشوهون معالم أحياء مصر وشوارعها وإذا تم إصدار هذا القانون سيكون هكذا تقنيناُ للفساد.

الإحساس بالأمان كان من أهم الأشياء الإيجابية التي تحققت بنسبه كبيره في مصر في عام 2014 بشهادة أغلب المواطنين تقريباً، فبالرغم من أننا نستمر حتى هذه اللحظة في حربنا ضد الإرهاب، إلا أنه لا يخفى على أحد أنه برغم بعض الأحداث الإرهابية المؤسفة التي حدثت واستهدفت قوات الجيش والشرطة وطالت المواطنين الأبرياء، إلا أن هذه الأحداث كانت قليلة جداً مقارنةً بما كنا نتوقعه، والسبب في ذلك هو إحكام الدولة والجيش المصري السيطرة على الجماعات الإرهابية الغاشمة، واتخاذهم لخطوات صارمة وصعبة في مواجهتهم للإرهاب حيث كان أهمها إخلاء الشريط الحدودي ما بين مصر وغزة. أما بالنسبة للأمان في مختلف المحافظات فأكد المواطنون أن نسبة حوادث السرقة والتثبيت في المناطق التي يعيشون فيها قلّت بشكل ملحوظ، لكنهم في نفس الوقت قالوا أنه لا تزال توجد بعض حوادث الخطف –وخاصة للأطفال وأصحاب الأعمال لطلب فدية أو غيرها من الأغراض- بالإضافة إلى حوادث سرقة السيارات والشقق وغيرها، وبالذات في الأماكن النائية والتجمعات السكنية الجديدة، وهم يريدون إختفاء هذه الظواهر السلبية تماماً في 2015 من مناطقهم المختلفة. كما أنهم صاروا يشعرون بأن مظاهرات الإخوان التي كانت تتسبب في تحطيم محلاتهم وتهدد أمنهم صارت أقل بكثير من الماضي، والشرطة بل والمواطنون أيضاً صاروا يتصدون لها.


أيضاً طلبة الجامعة من الشباب أكدوا أن هذا العام مختلف تماماً عن الأعوام السابقة التي عانوا فيها من أوضاع أمنية صعبة، هددت أمنهم وسلامتهم وقدرتهم على التحصيل الدراسي بشكل جيد، فالطلبة بعد عودة الأمان للبلد ككل تأثروا أكثر بعودة الاستقرار والأمان داخل جامعاتهم، ولم يعودوا يشعرون بالخوف من الذهاب للجامعة، ولم تعد الأمهات والآباء يضعون أيديهم على قلوبهم كلما خرج أحد أبنائهم لحضور محاضرة أو امتحان. وبخلاف شباب الجامعة أبدى شباب الخريجين تفاؤلهم بنزول إعلانات كثيرة لتوظيف الشباب في الفترة الأخيرة.


خرجت من كل كلام المواطنين هذا بشحنة تفاؤل عالية وطاقة إيجابية قوية، ليس فقط لأن الأوضاع صارت أفضل، ولكن لأن المواطن صار يشعر بهذا التحسن، والأفضل أنه صار حريصاً على أن يشارك بقوة في جعل هذا الوضع أفضل، وهذا هو ما أتوقع أن يحدث من كافة المصريين الشرفاء، أعلم أن الحياة ليست وردية وأن الوضع يحتاج إلى مجهود كبير لكي نصل إلى ما تستحقه مصر وشعبها من وضع أفضل في مختلف المجالات، ولكن الأوضاع بشهادة المواطنين أنفسهم –وأنا واحدة منهم- أفضل بكثير من الماضي وغداً سيكون أحلى إن شاء الله.



إننا نأمل في سيادة القانون، وأن تقوم الدولة وكذلك الشعب بجميع فئاته باحترام القوانين التي ارتضاها الشعب وطالب بإقرارها، فحل كافة مشاكلنا يكمن في دولة القانون وسيادته. 

الموضوع منشور على الموجز بتاريخ 12 يناير 2015 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق