"شوفتوا الجنيه عمل إيه"

لم أكن يومًا أؤمن بـ"دموع الفرح"، ولكنني آمنت بها منذ أن لمستها يدي وهي تتساقط على وجهي وأنا أشاهد افتتاح الرئيس السيسي لمشروع "الأسمرات" الإسكاني، آمنت بها وهي تتساقط وأنا أرى أخواننا وأخواتنا المصريين يمشون فرحين حاملين حقائبهم لينتلقوا من منطقة عشوائية لطالما شعروا بانتهاك آدميتهم بها إلى منطقة أخرى نظيفة بها كل متطلبات الحياة.

ولم أستطع أن أتمالك نفسي حقيقًة وأنا أسمع بآذاني كلمات أحد المواطنين الذي قال نصًا: "أنا مش مصدق نفسي والله، مدارس وملاعب ومواصلات إحنا بنحلم، أول مرة أثق في الحكومة المصرية، بقينا بنتعامل زي البني آدمين أخيرًا.. تسلم يا كبير"، وحقيقة تسلم يا رئيسنا.

فمشروع الأسمرات الإسكاني بحي المقطم، والذي سيسكن به كل سُكان المناطق داهمة الخطورة بمناطق الدويقة بحي منشأة ناصر، وعزبة خيرالله وبطن البقرة، وحي مصر القديمة وحي دار السلام إليه، حيث تسلمت الدُفعة الأولى من الأسر التى تقرر نقلها إلى الأسمرات عقود الوحدات الجديدة وقد بلغ عددها 1200 أسرة، وتُقام المرحلة الأولى من المشروع على مساحة 65 فدان تضم حوالي 6258 وحدة سكنية بتكلفة حوالي 850 مليون جنيه.

فيما تُقام المرحلة الثانية من المشروع بتمويل من صندوق "تحيا مصر" على مساحة 61 فدان ملكية مشتركة مع القوات المسلحة، بقيمة تعاقدية 700 مليون جنيه، وتضم حوالي 4722 وحدة سكنية، بخلاف إنشاءات المباني الخدمية والمرافق.

ويضم المشروع كافة المرافق الخدمية المُلحقة والمُكملة للمشروع، والمتمثلة فى مجمع المدارس لمراحل التعليم المختلفة ، ودور حضانة ، ومراكز طبية ، ووحدة صحية ، ومركز رياضي ، وملاعب مكشوفة، ووحدات شرطة ومطافي وإسعاف وبريد، بجانب إقامة أسواق حضارية ومخابز ومركز تدريب وصيانة.

فهل تعلم يا عزيزي القارئ ما هو أكثر شئ أعجبني في مشروع "الأسمرات" ؟ ذلك لأنه رفع شعار توفير حياة كريمة للمواطنين بالعشوائيات ليس من خلال نقلهم إلى مناطق بعيدة عنهم وعن أعمالهم وعن حياتهم  مثل 6 أكتوبر وغيرها من المناطق النائية كما كان يحدث في السابق، بل أنه قام بإزالة وتطوير العشوائيات في مناطقهم التي يقطنون بها نفسها واستبدالها بمساكن مميزة مع توفير متطلبات الحياة الكريمة بها، فبدلًا من أن أسرة بأكملها كانت تعيش في حجرة واحدة، أصبح لديها شقة مستقلة مفروشة مزودة بكل المرافق وكل الأساسيات، كما سيتم تعيين شركة نظافة تكون مسئولياتها الحفاظ على نظافة الحي، بالإضافة إلى أن هذه الوحدات السكنية تقع في منطقة راقية يصل سعر الشقة الواحدة لأكثر من مليون جنيه، وكل ذلك بطريقة شبه مجانية، والحقيقة أن الافتتاح الذي رأيناه لم يكن صورة لوحدات سكنية لمحدوديّ الدخل، بل كانت تشبه المجمعات السكنية الراقية "الكمبوند".

وحقيقةً أريد أن أعرف كيف يستطيع البعض تجاهل مثل هذا المشروع ؟!، كيف لا يرون فيه مشروع مدعاة للفخر؟!، كيف لا ترى أعينهم فرحة المصريين البسطاء بشققهم الجديدة التي ستحترم آدميتهم؟!، لم لا يرون الإيجابيات التي تعطينا جميعًا الأمل في الغد؟!

وفي الواقع أن تنفيذ مشروع مثل مشروع "الأسمرات" بجهود المصريين الذين "صبحوا على مصر بجنيه" في صندوق تحيا مصر، هو خير دليل وخير شاهد على أن المصريين إذا تجمعوا حول فكرة، فإنهم قادرون بقوتهم وعزيمتهم تحقيق ذلك، فرسالة إلى هؤلاء المتقاعسين الكسالي "لسّه مصبحتش على مصر بجنيه ليه"؟
ولكن، وحتى لا ندع الفرحة تنسينا بعض الأمور الهامة، دعوني أعبر عن بعض التخوفات  لديّ، والتي تكونت من خلال عملي لمدة 32 سنة في المناطق العشوائية، ويتمثل هذا التخوف في قيام بعض الحاصلين على الشقق الجديدة ضمن المشروع ببيعها لآخرين، فكثير من سكان المناطق العشوائية يبيعون سكنها الجديد بعد أن تحصل عليه، ومن هنا فأنا أطالب حقيقةً وحرصًا على إتمام نجاح المشروع باتخاذ آلية صارمة وحازمة معينة تمنع بيع الأشخاص لشققهم الجديدة.

وأخيرًا، مشروع "الأسمرات" أكد على أن الدولة لن تتمكن من تطوير كل المناطق العشوائية بمفردها؛ فلابد من تكاتفنا جميعًا حولها ونساندها كما فعلاً من خلال صندوق تحيا مصر ورأينا بأعيننا نتيجة ذلك، ولا يسعني إلا أن أقدم لرئيسنا ورجالنا في القوات المسلحة تحية شكر وتقدير وإمتنان على جهودهم واهتمامهم وشغفهم بـ"حلم جديد" يحفظ الحياة الكريمة للمواطنين.


وأدعو من لم يشاهد الفيلم التسجيلي الذي انتجته إدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة "حلم جديد" إلى أن يشاهده، حتى يستسقي منه الأمل، الأمل في تحقيق "حلم جديد" يحلمه لنفسه ولمجتمعه ولوطنه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق