أزمة "الورقة الخضراء" لا تحتاج لمسكنات


مقال صحفي




أزمة "الورقة الخضراء" لا تحتاج لمسكنات




بقلم
الدكتورة/ إيمان بيبرس
رئيسة مجلس إدارة جمعية نهوض وتنمية المرأة
وخبيرة دولية في السياسة الاجتماعية وقضايا المرأة والتنمية





حقًا أتعجب!، لما أصبح "الدولار" حديث الساعة الذي لا يمل منه أحدًا ؟! فلا تخلو جلسة من الحديث عن الارتفاع المستمر لأسعار الدولار في السوق السوداء، ولا عن عجز سياسات الحكومة والبنك المركزي لمواجهة هذه الأزمة والرد على التفسيرات والتخوفات من الحاضر والمستقبل في تطاول أزمة الدولار لكافة الاحتياجات الأساسية وارتفاع أسعارها على المواطن البسيط، فأصبح هو المدخل الذي يستغلونه المتربصون والأخوان وبعض الذين يروا المعارضة سبيل الشهرة للتهويل ضد النظام، وأيضاً بعض الدول التي تكره الخير لمصر، ومع ذلك هذا لا يمنع من وجود مشكلة حقيقية كبيرة نواجهها.
فعلى الجميع أن يتقبل أن أزمة الدولار ليس غلطة أحد، فما هي إلا ظاهرة عرضية تكررت كثيرًا من قبل واختفت بعد ذلك، ليس بسبب مضاربات شركات الصرافة وحدها ولكن يرجع الأمر في الوقت الحالي نتيجة قلة مصادرنا من العملة الصعبة منذ عام2011 بعد ضرب السياحة في مقتل نتيجة عمليات الإرهاب، وقيام البعض من الخائنين بتشويه سمعة بلدنا الحبيب "مصر" مما أدى إلى انخفاض معدلات السياحة، هذا بالإضافة إلى انخفاض إيرادات قناة السويس نتيجة انخفاض أسعار النفط العالمية مما يجعل طريق رأس الرجاء الصالح أوفر بالنسبة للسفن أثناء العبور، وتراجع الاستثمارات الأجنبية وحجم الصادرات وزيادة الواردات، وأيضًا تراجع تحويلات العاملين المصريين بالخارج تلك المصادر التي تدر دخلًا بالعملة الصعبة في خزينة الدولة، فضلًا عن تزايد معدلات الديون الخارجية والداخلية.

ونحن على يقين أن تلك الأزمة لن تتوقف بوضع حلول جزئية لها، سواء القيام بحملات أمنية لمصادرة ملايين الدولارات من شراكات الصرافة أو حتى إغلاقها، أو بالتصريحات الاقتصادية التي أعلنتها الحكومة المصرية بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي لاقتراض 12 مليون دولار ، فتلك الحلول مجرد مسكن للأزمة تساهم في انخفاض أسعار الدولار وليس حلاً جذريًا لها.
فالحل من وجهة نظري المتواضعة، ووفقًا لتقارير الخبراء يتمثل في ثلاث محاور؛ أولاً: اتخاذ سياسات نقدية تقوم على أسس اقتصادية سليمة تتمثل في عدة نقاط وهي كالآتي:
·        تشكيل فريق لإدارة الأزمة للتنسيق بين المجموعة الاقتصادية والبنك المركزي لمتابعة وحل أزمة ارتفاع الدولار.
·        تحفيز المصريين في الخارج على تحويل أموالهم من خلال المصارف الرسمية بعد تشديد الرقابة على مكاتب الصرافة وإغلاق المخالف منه.
·         تذليل العقبات أمام المستثمرين وتوفير البيئة المناسبة للعمل والمناخ الجاذب للاستثمار.
·         استغلال جولات الرئيس الخارجية وعقده لعشرات الاتفاقيات الاستثمارية مع عدد كبير من الدول، بوضع خطة لتنفيذ هذه الاتفاقيات على أرض الواقع والتي كان من شأنها توفير العملة الصعبة وزيادة الاحتياطي النقدي.
ويتجلى المحور الثاني : في الاستثمار في بعض المشروعات المتوسطة وسريعة العائد وكثيفة العمالة؛ مثل مشروعات الإنتاج والتصنيع الزراعي، ومشروعات استزراع وتصنيع الأسماك، ومشروعات تنمية الثروة الحيوانية، والاستثمار في مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وفي قطاعات تصنيع الحديد والأسمنت، وتشغيل المصانع المتوقفة، وعمل مواصفات قياسية للمصانع المصرية طبقاً للجودة العالمية من أجل فتح أسواق خارجية لمنتجاتنا بالتوازي مع هيكلة ودعم مكاتب التمثيل التجاري بالخارج للقيام بدورها الأساسي في دعم التجارة الخارجية وزيادة الصادرات.
وفي ظل السياسات الاقتصادية يأتي المحور الثالث والأخير: وهو تشجيع الطلب على المنتج المحلى والسلع التي لها بديل في السوق المحلية، مع الوضع في الاعتبار ضرورة وضع قائمة بالسلع المراد استيرادها وتحديد السلع الأساسية ذات الأولوية للمواطنين للحد من استهلاك العملة الصعبة.
 ففي النهاية كفيانا نواح واشعال للأزمة وتضخيمها واظهار أن الحكومة المصرية لا تستطيع مواجهتها وإنها عاجزه عن تلبية احتياجات المواطنين ، وأطالب باعتبار كل من جرائم المضاربة بالدولار، والفتن الطائفية، والإرهاب والتفجير والخيانة جرائم أمن قومي، وأناشد ملايين المواطنين الذين يحبون بلدهم ويخافوا عليها، أن يشنوا حملة تطالب بمثول مرتكبي تلك الجرائم أمام المحاكم العسكرية. كمطلب شعبي يتم رفعه للبرلمان ورئيس الجمهورية لتنفيذه. 

 المقال منشور في الجمهورية أونلاين بتاريخ 4 أغسطس 2016

http://www.gomhuriaonline.com/main.asp?v_article_id=388446#.V6HlM27buUk 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق