يا مصريين دعونا نقف أمام الإعلام المزيف

"ليس شرطًا أن تكون دراسًا للإعلام حتى تعي الخط الفاصل بين الجرأة والأدب، وبين الحرية و تخطي القواعد والمسافات".. جملة صغيرة تكونت في مخيلتي خلال السنوات القليلة الماضية، وبمرور الوقائع والأحداث تصقل شيئًا فشيئًا، وبلغت أشدها بعد ما أُثير من ضجة وانتشار على مواقع التواصل الاجتماعي على خلفية قيام إحدى مذيعات القناة الثالثة على التليفزيون المصري "القاهرة" بالتطاول على رئيسنا السيسي، بطريقة أقل ما توصف به أنها "فجة ومشينة"!
والحقيقة أن الفاجعة لم تتمثل قط في تطاولها على الرئيس وتشبيهها له بـ"هتلر"، بل الفاجعة في أنها نموذج لهؤلاء ممن يطلقون على أنفسهم "إعلاميين"، والذين حقًا لا يدركون معني وقيمة رسالة الإعلام وأهميته.
فهل يعي مدّعي الشجاعة من الإعلاميين المزيفين مدى أهمية مهنتهم في تكشيل وتكوين وبناء المجتمع، وكيف أنهم يساهمون بكلماتهم في تثقيف الجمهور من أبناء المجتمع؟!، أعتقد أن الإجابة ستكون بـ"لا"، تعلمون لماذا؟.. لأنهم إن كانوا يعلمون بأهمية دورهم فعلًا لما قاموا بمثل هذه الممارسات، وما انتهجوا فكرًا سلبيًا هدّامًا لأحلام وطموحات الوطن خلال الفترة الصعبة التي يمر بها منذ سنوات، ورغم أننا بدأنا السير بخطى حثيثة نحو مبتغانا إلا أن عدساتهم لم تلتقط لهذه الخطوات أثرًا.

فمن الأولى لهؤلاء أن يستغلوا مهنتهم في توعية وتثقيف الأجيال الشابة بقضية وطنها وواقعها وحتمية القيام بالدور المنوط به كل شاب تجاه نفسه وتجاه وطنه، علّنا نجد يومًا نشأة مختلفة لشبابنا عما نراه اليوم؛ فهم يتعرضون لتسطيح إعلامي يأخذهم نحو الانشغال بالأمور التافهة والشكلية، ويلهيهم عن القضايا المهمة والمصيرية، وبالتالي نتج لدينا جيلًا خاويًا لا يدرك عن قضية معاناة مجتمعه وحروبه شيئًا.
وهو ما يقوم به العديد من الإعلاميين الذين يتصدرون الساحة الآن، والذين يظنون كل الظن أنهم يمثلون الشعب ويتمتعون بالحرية لقول الكثير الذي لا يصح أن يقال أو يشار إليه حتى!، والحقيقة أنني لا أرى في سلوك هؤلاء الإعلاميين ما يعكس إيمانهم الحقيقي والفعلي بالحرية، إنما هم فقط يقلدون الغرب تلقيدًا أعمى ليس إلا.
وللأسف فإن معظم الإعلاميين مخدوعين في تصورهم بأن هذه هي الحرية التي تحدث في الغرب، ولكنهم عندما يدققون النظر، فإنهم سيعرفون جيدًا أن الإعلام الغربي لديه حرية تقف عند حدود حرية واحترام الآخرين ولديهم الكثير من الخطوط الحمراء التي تتعلق بأجندات وسياسات دولهم، فلا يوجد لديهم ما يسمى بالحرية المطلقة، فمصالح بلادهم تفوق أي مصلحة شخصية أو حقوق فردية، وما يؤكد ذلك تصريح ديفيد كاميرون رئيس وزراء انجلترا السابق حين قال: "لا تحدثني عن حقوق الإنسان حين يتعلق الأمر بالأمن القومي"، فللأسف نحن نقلّد المظهر وليس الجوهر.
كما أن في الغرب أسلوب مختلف للاتهامات والنقد ، حيث يستخدمون كلمات معينة مثل كلمة  " يقال أو يظن أو أن هناك تشكك" ، وعدم التحدث على أنها حقائق مثبتة ، كما أن أسلوب الحوار مختلف كثيرًا فلا يقومون بالتلفظ بألفاظ خارجة أو حركات سوقية أو السخرية من الوزراء بطريقة غير لائقة، ومن هنا سننتقل سويًا عزيزي القارئ إلى نقطة أخرى في ذات السياق، وهي كيف هو حال الإعلام الغربي وكي يكون حديثنا هنا منطقيًا ومدروسًا سوف نأخذ الإعلام الأمريكي مثالًا على ذلك، فقناة "فوكس نيوز" التي أتابعها أحيانًا، من القنوات التي فعلًا تنتقد سياسيات الرئيس الأمريكي/ باراك أوباما، ولكنني لم أجد مذيعيهم يومًا يهاجمونه دون دراسة أو تحديد لأوجه الانتقاد في نقاط محددة، لم أجدهم يهاجمونه بكلامٍ مرسل، فعلى سبيل المثال وفي إحدى المرات التي انتقدوا رئيسهم بها، كانت أسئلتهم عن ملفات محلية هامه ومصيرية، مثل فشل بدء تطبيق برنامج الرعاية الصحية الجديد؟ ولماذا لم يتم عزل وزيرة الصحة جراء ذلك؟، وعن "فساد" بهيئة العائدات الداخلية "الضرائب"، والهجوم على مقر البعثة الدبلوماسية الأمريكية ببنغازي.
هل عددت معي النقاط المحددة عزيزي القارئ، هل لاحظت المنطقية والبنيان السليم للانتقاد، إذًا، فلتأت معي في جولة أخرى للحديث الذي بثته على مسمعنا "مذيعة القناة الثالثة" أعتقد أننا جميعًا تابعناه وأحسسنا بمرارة الفشل بما يكفي، ولكن دعنا نذكر بعضًا منه حتى يتبين لنا الخط الفاصل بين خيط الحرية المسئولة وخيط الجرأة الجعجاعة، فقد سمعناها وهي تقول أن الحكومة بأكملها لا تعمل، وأن الرئيس يدعونا للعمل وهو لا يعمل!، سمعناها تقول أن الرئيس لما يحل ملفًا واحدًا منذ أن تولى الرئاسة، سمعناها توقف كلام الضيف الذي حاول أن يسرد ما حققه الرئيس من إنجازات وقال لها حرفيًا: "مش عايزين نحبط الناس"، ولكنها أرادت بهم إحباطًا، وكأنها رأت أن هذا دورها الذي يجب عليها أن تقوم به، وكأنها تسأل نفسها يوميًا "هل أحبط مصريًا اليوم؟!
فكان من غير مقبول لي ولكثير من المصريين أيضًا أن نشاهد ونسمع الهجوم الغير مبرر على الإطلاق من هذه المذيعة وأمثالها على رئيسنا، وهو بالمناسبة هذا الهجوم كان بدون تحليل ما يحدث بشكل واقعي؛ فهل يعقل أن تخرج هذه المذيعة لتنتقد الرئيس دون أن تقول أوجه محددة للانتقاد؟! هل من المعقول أن يكون كلامها وهجومها كله مرسل دون ترتيب أو تدعيم بأرقام وإحصائيات؟! والسؤال الأهم هل تتابع مجريات الأمور إلى مصر وما آل ومازال يؤؤل إليه بالخطط التي يضعها وينفذها الرئيس؟! والحقيقة أن هجومي عليها ليس لأنها انتقدت الرئيس فقط، بل لأنها لم تكن "منطقية" في حديثها، وكانت تتشدق بعبارات مُهينة وتشبيهات لا يصح لها أن تلقيها على مسمعنا ومرآنا جميعًا.

والحقيقة أنني قررت ألا اتخذ من هجومها شيئًا يجب الرد عليه، فلن أرصد لها إنجازات الرئيس السيسي التي نعرفها جميعًا، وبالتأكيد هي تعلم بها ولكنها تتخذ من التجاهل طريقًا لها شأنها شأن بعض الهدّامين الكارهين للبلاد، ولكنني هنا أريد تطبيق القوانين عليها حتى تكون "عِبرة" لمن لا يعتبر، وأتمنى استمرار الإجراءات التي بدأها اتحاد الإذاعة والتليفزيون وكذلك ما تردد في الأوساط الإعلامية بشأن إحالتها نيابة أمن الدولة العليا، وذلك ليس لانتقادها للرئيس بل لتجاوزها كافة الخطوط المهنية والقانونية للإعلام، كما أنني أؤكد مرة أخرى أن دوافعي تجاه إيقافها ليس لأنها انتقدت الرئيس، فقد سبق لي وأن قمت بانتقاده من قبل في موضوعات عدة مثل حبس أطفال بني مزار، وحبس إسلام البحيري، وهذه هي الحرية أن انتقد على أساس قوي، وليس كلام مرسل، وأن انتقد نقد بناء بهدف القاء الضوء على السلبيات لتغييرها وليس النقد من أجل استعراض القوة، فأين الحرية التي تنادي بها هذه المذيعة والتي تقوم بعمل تصرفات عكس مفهوم الحرية تماماً  وهي طرد الضيف الذي معها لمجرد اختلاف رأيه عن رأيها ؟! وكيف يمكنها هي وغيرها اتهام رئيس الدولة بحبس الأبرياء وهذه الاتهامات جزافية دون أي دليل، وهو ما يؤكد لنا أنها لا تعي معنى الحرية والمسئولية على الاطلاق.
فلو كانت تعي حقًا قيمة المسئولية والحرية لما أثيرت حولها الشكوك بأنها تقوم بالاستيلاء على الإنتاج الفكري لأحد الصحفيين " أحمد بلال" ونسبته إلى نفسها، وذلك طبقًا لرواية الصحفي نفسه ، حيث قال أنه قام بعمل تقريرًا عن موضوع "الحركة الطلابية المصرية" في 2004، ثم نشرته الأستاذة "المذيعة" على موقع صحفي آخر بإسمها بعد ذلك بعشر سنوات في 2014، وأكتشف الصحفي أمر السرقة في 2016!، وقد أصابني الإندهاش حقيقةً عندما أشار الصحفي إلى أنها زيفت الحقائق التاريخية الواردة في تقريره لصالح جماعة الإخوان الإرهابية.
ولكن ختام القول يا عزيزي القارئ، أتمنى حقًا أن يتم إعادة هيكلة "ماسبيرو" من جديد بما يحقق رؤية إعلامية واضحة وتتسم بالأخلاقية وأن يكون لدينا ميثاق أخلاقي إعلامي يتمسك به كل الإعلاميين ويعاقب كل من لا يلتزم به ويقوم بممارسات غير مهنية، وأقترح أن يتولى الفنان المحترم/ محمد صبحي ماسبيرو، لأنه مثال للرجل الوطني المخلص المبدع الخلوق، وأتمنى أن يعي إعلاميّ مصر بأن حرية الإعلام والمهنية في عرض الحقائق هما عنصران أساسيان لبناء مجتمع سليم، ولا بد أن يقدموا إلينا إعلامًا واعيًا ومسئولًا وليس قائمًا على الإثارة أو على التخوين وإلقاء التهم مستخدمًا ألفاظًا وتشبيهات غير مناسبة على الإطلاق، فإعلامنا المصري مسئول عن الجبهة الداخلية للبلد، ومسئول عن سلامتها وعدم انهزامها؛ لذلك يجب أن نقف بجانب رئيسنا ونحاول أن نبني معه مصر حرة ديمقراطية.

تم نشر الموضوع بتاريخ 12 مارس 2016 على موقع الجمهورية أونلاين 

رابط الموضوع 

هناك 5 تعليقات:

  1. يا دكتوره............... الناس يبلدت و مسخت بهذا الأعلام... و الأخطر السوشيال ميديا.............الأن و ألا فلا

    ردحذف
  2. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  3. من اجمل العبارات او الجمل...هو تعيين المحتلام محمد صبحي رئيسا لمسبيرو.....حانكون محظوظين لو وافق....اما الغوغائيين والغوغائيات ...فلا اعتقد انه يعملو ذلك بدون رقيب...واقترح ان يكون العقاب عبره..لحساسيه المهنه.فهل يتحقق لنا ذلك..؟؟
    عمرو الابراشي

    ردحذف
  4. إيه الجمال ده يا إيمان بجد بجد تسلم دماغك

    ردحذف